موقع أثري فريد.. علماء يكتشفون مدينة عمرها 2800 عام شمال غواتيمالا
موقع أثري فريد.. علماء يكتشفون مدينة عمرها 2800 عام شمال غواتيمالا
اكتشف فريق من علماء الآثار في شمال غواتيمالا مدينة أثرية تعود إلى حضارة المايا، يرجّح أنها شُيدت قبل أكثر من 2800 عام، في إنجاز علمي غير مسبوق يعزز فهم العالم لإحدى أقدم وأعقد الحضارات في القارة الأميركية قبل وصول الاستعمار الإسباني.
أعلنت وزارة الثقافة في بيان رسمي أن الموقع الجديد، الذي يحمل اسم "لوس أبويلوس" (الأجداد)، يمتد على مساحة تقارب 16 كيلومترا مربعا ويقع على بعد 21 كيلومترا من موقع "واكساكتون" الأثري الشهير في مقاطعة بيتين الشمالية، بالقرب من الحدود المكسيكية.
وبحسب الوزارة، يُعتبر الموقع "من أقدم المراكز الاحتفالية وأكثرها أهمية في فترة ما قبل العصر الكلاسيكي الأوسط (800-500 قبل الميلاد)".
هندسة معمارية ومجسمات
تميّزت المدينة بتخطيط معماري متطور يتضمن أهرامات ومراصد فلكية ونصبا منحوتة باستخدام تقنيات فنية نادرة في المنطقة.
وأوضحت الوزارة أن التسمية "لوس أبويلوس" جاءت بعدما اكتشف علماء الآثار تمثالين مجسمين يُجسّدان زوجين يُعتقد أنهما أسلاف مقدّسون، مشيرة إلى أن هذه المنحوتات التي تعود إلى ما بين عامَي 500 و300 قبل الميلاد "قد تكون ذات صلة بممارسات طقسية قديمة لتبجيل الأجداد".
كشفت وزارة الثقافة أيضاً عن منطقتين أثريتين إضافيتين ضمن المشروع، الأولى تُعرف باسم "بيتنال"، وتضم هرماً بارتفاع 33 متراً مزخرفاً بلوحات جدارية من العصر ما قبل الكلاسيكي، والثانية تُدعى "كامبرايال"، وتتميّز بنظام متقن للقنوات المائية يعتقد أنه كان يُستخدم لنقل المياه في المدينة.
وتشير المعلومات إلى أن هذه المواقع الثلاثة تشكل ما وصفته الوزارة بـ"مثلث حضري غير معروف سابقاً"، ما يفتح المجال لإعادة تقييم البنية السياسية والاجتماعية والدينية في منطقة بيتين خلال تلك الحقبة.
حفريات بدأت عام 2023
أفاد ميلان كوفاتش، مدير المشروع الأثري، في مؤتمر صحفي، بأن الحفريات بدأت بشكل أولي عام 2023، لكنها توسّعت منذ بداية هذا العام لتشمل مناطق أوسع بهدف "تحليل التسلسل الزمني للموقع ودراسة أهميته السياسية والدينية في حضارة المايا".
وأضافت دورا غارسيا، نائبة مدير المشروع، أن البيانات الجديدة "تُشكّل قطعاً أساسية من صورة لا تزال تتكوّن حول ثقافة المايا في هذه المنطقة"، مشددة على أن كل قطعة أثرية تُنتَشل من الأرض تحمل أهمية علمية وتاريخية كبيرة.
مثلت حضارة المايا واحدة من أعرق الحضارات في أمريكا الوسطى، حيث امتدت من جنوب المكسيك إلى غواتيمالا وبيليز وأجزاء من السلفادور وهندوراس.
وبلغت هذه الحضارة أوجها خلال العصر الكلاسيكي بين عامَي 400 و450 للميلاد، وتميزت بتقدمها في مجالات متعددة، أبرزها:
ابتكار الرقم صفر.
تطوير نظام كتابة هيروغليفية.
إنشاء تقويم فلكي مذهل بدقته.
زراعة الذرة والكاكاو.
استخدام عصارة الأشجار لصناعة علكة المضغ.
ويُعد شعب المايا مكوناً أساسياً في الهوية الثقافية لغواتيمالا اليوم، حيث تعود أصول 22 مجموعة عرقية من السكان الحاليين إلى هذه الحضارة، ويشكلون نحو 42% من سكان البلاد البالغ عددهم 18 مليون نسمة، رغم أن نسبة كبيرة منهم تعاني الفقر والتهميش الاجتماعي.
أهمية الاكتشاف
يمثل اكتشاف "لوس أبويلوس" خطوة بارزة في علم الآثار، حيث يعيد النظر في التسلسل التاريخي لحضارة المايا، ويطرح تساؤلات جديدة حول نشأة مراكزهم الدينية والسياسية، قبل قرون من بلوغهم العصر الذهبي في الفترة الكلاسيكية.
وبحسب الخبراء، فإن استمرار التنقيب قد يكشف عن المزيد من التفاصيل المتعلقة بطقوسهم الدينية وأساليبهم في إدارة المياه والزراعة، وهي مفاتيح حيوية لفهم آليات تطور واحدة من أقدم حضارات الأرض.